يعتبر فصل الصيف في الموروث الإماراتي مرحلة خاصة، حيث يشد الرحال إلى “المقيظ”، وهي رحلة انتقال تقليدية من السواحل الحارة والرطبة إلى الواحات والمناطق الجبلية المعتدلة مثل الذيد، ليوا، مسافي، دبا، ورؤوس الجبال في رأس الخيمة. تتميز هذه الأماكن بظلال النخيل الوارفة، والمياه العذبة، واعتدال الطقس.
بدأ هذا التقليد يختفي تدريجياً منذ السبعينيات مع النهضة التنموية التي أطلقها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه”، وصولاً إلى العصر الحديث بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حيث شهدت البلاد نقلة نوعية جعلتها وجهة سياحية عالمية تستقطب أكثر من 23 مليون سائح في عام 2023 وفقاً لمنظمة السياحة العالمية.
ورغم اندثار رحلة المقيظ التقليدية، فقد أعاد جيل الألفية إحياء هذا التراث بأسلوب رقمي. فقد أطلقت جامعة الإمارات تطبيقًا ذكياً باسم “المقيظ”، يوثق الرحلة التراثية بأسلوب تعليمي وترفيهي مبتكر، حيث يمكن للمستخدم “الارتحال إلى الماضي” واستكشاف الخيام والصيد والأسواق التقليدية بطريقة تفاعلية.
ويؤكد الدكتور سائد الرباعي من جامعة الإمارات أن التطبيق يعزز التراث الإماراتي من خلال تجربة رقمية تجمع بين التعلم والمتعة.
ويحكي الراوي راشد بن هويدن (80 عامًا) عن تفاصيل المقيظ قديماً، حيث كانت العائلات تستعد للرحلة بشراء المواد الغذائية كالطحين، والسكر، والسحناه، ويقود الرحلة “الكريان” صاحب الإبل. وكانت المقايظ تشمل واحات مثل العين، ليوا، دلما، والسيجي، كما كانت أماكن قريبة من المدن مثل الحيرة وأم سقيم والحيل وجهة مفضلة لمن لا يستطيع السفر بعيدًا.
وتؤكد عيدة مصبح الكندي من منطقة الظفرة أن مقايظ ليوا والعين كانت مقصداً رئيسيًا لأهل أبوظبي، خاصة خلال فصل الصيف الذي يبدأ بظهور نجم الثريا وينتهي مع دخول نجم سهيل في سبتمبر